منتدى الجمعيات واللجان والهيئات العربية المناصرة للقضية الفلسطينية

ما أكثر الإخوان حين تعدهم                                            ولكنهم عند النائبات قليل

هذا البيت ينطبق على واقع حال مناصري القضية الفلسطينية من العرب على المستوى الرسمي والأهلي أيضاً . فالقضية الفلسطينية هي قاسم مشترك أعظم بين العرب وهي الثابت الجامع في توجهات الأفراد والجماعات العرب أينما كانوا . وتحركات الشارع العربي العفوية ما هي إلا ردة فعل لهذه التوجهات المشتركة كلما تصاعدت مأساة فلسطين أو استبيحت حقوق أهلها .

وينعكس ذلك الجامع أيضاً في قيام العدد الكبير من الجمعيات واللجان المناصرة للقضية الفلسطينية تحت مختلف التسميات . فهذه قد تصل إلى العشرات في البلد الواحد إذا سمح القانون المحلي بذلك، وعددها يزيد بدون شك على المائة جمعية ولجنة مناصرة للقضية الفلسطينية داخل البلاد العربية وفي المهجر. ويضاف إلى هذا العدد الكبير من الجمعيات واللجان المختصة في مناصرة القضية الفلسطينية ومقاومة التطبيع ، عدد كبير من جمعيات حقوق الإنسان والجمعيات الخيرية والثقافية والإجماعية والعلمية وجمعيات الإغاثة العامة وغرف التجارة والأتحادات والنقابات المهنية التي تناصر القضية الفلسطينية كجزء من نشاطها العام .

ومما يؤسف له حقاً أن هذا العدد الكبير من الجمعيات واللجان والهيئات العربية المناصرة للقضية الفلسطينية لم تتعرف على تجارب بعضها ولم تستنفذ من أساليب العمل أو المواد الإعلامية والثقافية التي طورتها كل منها. كما لم يتيسر التنسيق بين نشاطاتها أو التعاون الفعال بين عملها بشكل عام ، أو بين كل نوع منها . بل إن كل محاولات التنسيق والتعاون لم يكتب لها النجاح . وإذا حصرنا اهتماماتنا فقط في المحاولات التي جرت منذ انتفاضة 1987، فإنني شخصياً قد شهدت أكثر من محاولة لم تتبلور ولم تستمر . وأولها ندوة الانتفاضة التي دعت لها جامعة صنعاء عام 1988 . وثانيها محاولة الجماعة الأهلية لتعزيز التضامن العربي عام 1989 التي تجمدت محاولتها عند أول لقاء عقدته لمناقشة الدراسات التحضيرية التي أعدتها. وتلا ذلك العديد من المحاولات منها الاقتراحات التي قدمت في إطار المؤتمر القومي العربي منذ عام 1992 ، في عمان حتى آخر مؤتمر عقد في البحرين . وبذلك توقفت محاولات التنسيق وتجمدت عند صواب الفكرة دون إمكانية توفير شروط تنميتها وتحويلها تدريجياً إلى حقيقة فاعلة على الأرض .

وفي تقديري ، يعود غياب وجود تنسيق وتعاون دائم وكافٍ بين الجمعيات واللجان والهيئات ولإفراد المناصرين للقضية الفلسطينية إلى خمسة أسباب :

أولها : النظرة غير الواقعية للتنسيق والتعاون التي تصل احياناً الى حد المطالبة بإلغاء الاستقلال وتحويل المنسق بينهم والمتعاونين إلى أطراف في مركز . وكذلك المطالبة بالحد الاعلى من التنسيق والتعاون دون مراعاة لظروف الأطراف الاخرى او أخذ محدداتها في الحسبان . ولذلك يقل عدد الاطراف التي يمكن التنسيق والتعاون بينها الى الدرجة التي تؤثر على فاعلية المٌنسّق بينهم. هذا إن نجحوا أصلا في إقامة تجمع بينهم .

ثانيها : الاختلاف بين التيار الاسلامي والتيار الوطني وبين اطياف وقوى كل منهما في منطلقات المناصرة وعدم قدرتهم حتى الآن على التنسيق والتعاون فيما يتفقون عليه من أهداف عامة أو مرحلية . وينسحب تأثير هذا الاختلاف في المنطلقات على الاختلاف في طريقة العمل وأسلوبه ومصادر الموارد ومصارفها . هذا إضافة إلى الاختلاف على الشعارات والمصطلحات وحتى الإجراءات.

ثالثها : موقف الحكومات من العمل الأهلي والقوانين المعيقة له على المستوى المحلي والمعرقلة له على المستوى العربي . وقد أثر موقف الحكومات على نمو وسلامة إدارة العمل الأهلي ووقف موقفاً غير مؤيد لتنسيق العمل الأهلي على المستوى العربي ، وعدم مشجع للتعاون بين أطرافه إذا لم يكن للعمل الرسمي ، السيطرة على عملية التنسيق والتعاون واحتكارها.

رابعها : ضعف العمل الأهلي العربي بشكل عام وصغر حجم وحداته، وعدم قدرة الكثير من منظماته على تمويل تحركها، إضافة إلى عجزه عن تعبئة الموارد المالية والبشرية اللازمة لتحقيق فعاليته . ولعل ضعف تقاليد العمل الجماعي فضلا عن غياب الممارسة الديمقراطية في الكثير من الأحيان، في منظمات العمل الأهلي كانت سببا مباشراً في تفتت الجهود وتفشي ظاهرة الانشقاقات .

خامسهاً : واخيراً وليس آخراً فإن موقف الولايات المتحدة السلبي من الصمود الفلسطيني وبالتالي من مناصري القضية الفلسطينية والخلط بين مناصرة المقاومة المشروعة للاحتلال والاستيطان سلمياً من ناحية ، وبين ما تسميه دون تعريفه "بالإرهاب" من ناحية ثانية، قد أثر على الافراد والهيئات والحكومات العربية وحَدْ من توجهات المنظمات للتنسيق والتعاون من أجل مناصرة القضية الفلسطينية بسبب الضغوط الإضافية الظاهرة والباطنة.

في ضوء هذا الواقع ، يحتاج المناصرون للقضية الفلسطينية من العرب ان يكسروا هذه الحلقة المفرغة، وان يبدأو في التفكير والتدبير لجعل العمل الأهلي المناصر للقضية الفلسطينية قادر على التعرف على امكانيات بعضه بعضا وعاملاً على الأستفادة من التجارب والأساليب الناجحة والتعرف على العقبات التي واجهت البعض وكيف يتم تذليلها . وذلك تمهيداً للتنسيق والتعاون العام والقطاعي بين جمعيات ولجان وهيئات المناصرة العربية للقضية الفلسطينية .

وعلينا ان ننتقل – نتيجة لضيق الوقت – الى مناقشة امكانية تفعيل المناصرة العربية الأهلية للقضية الفلسطينية متخطين في الوقت الحاضر مناقشة متطلبات تنمية قدرات المناصرين وزيادة عدد منظماتهم وتشكيل منظمات أهلية لمناصرة القضية الفلسطينية حيث لاتوجد مثل تلك المنظمات . وعلينا ان نرجئ الى حين ابراز أمكانيات التعاون واشكال والتنسيق . فهذه كلها على اهميتها وضرورة مناقشتها أمور يطول فيها الحديث وهي لاتعد ولا تحصى كما أنها متجددة ومتغيرة ومتحركة حسب الأحوال والظروف والعزائم . ففي مثل هذا اللقاء علينا ان نركز على ما العمل وطريقة التنفيذ فقد شعبنا أهمية التعاون وتعداد مجالاته بحثا ومناقشة ويمكننا بل يجب علينا ان نعود الى ذلك عند ما نتفق على آداه التنفيذ واليات التعاون والتنسيق .

وفي تقديري ان بداية التعاون والتنسيق يمكن أن تكون من خلال أقامت منتدى أهلي عربي للجمعيات واللجان والهيئات العربية المناصرة للقضية الفلسطينية يدعى انعقاده في أكتوبر القادم ذكرى انتفاضة الأقصى أو في ديسمبر القادم ذكرى انتفاضة 1987 ، أو أي تاريخ مناسب يصادف ذكرى فلسطينية هامة .
وفيما يلي نطرح المقترحات الأولى التالية للمناقشة :

أولاً : أسم المنتدى : منتدى الجمعيات واللجان والهيئات والشخصيات الأهلية العربية المناصرة للقضية الفلسطينية.

وجدير بالتأكيد أن صفة منتدى مقصودة في حد ذاتها للتأكيد على الطبيعة التشاورية للقاء بعتبارة تسهيل مكاني وزماني للمشاركين ، على أن يترك قد التعاون والتنسيق مجالاته وأشكاله لتقدير كل طرف والتشافة لمجالات عمل جهات المناصرة المشاركة في اللقاء وتعرفه على أهدافها ونشاطاتها ورغبته وقدرته على المشاركة في أي عملية تنسيق أو تعاون يختارها . ويتم ذلك التنسيق والتعاون في لقاءات فرعية يتم عقدها بناء على مبادرة عدد من المشاركين الراغبين في مجالاً من مجالات التنسيق والتعاون دون تدخل من إدارة المنتدى . ويمكن الأستفادة من أساليب عمل منتديات منظمات المجتمع المدني العاملة في اطار الأمم المتحدة في تنظيم عمل المنتدى .

ويمكن للمشاركين في المنتدى أن يطلقوا مبادرات مشتركة على شكل مشروعات مستقلة عن كل منهم وعن المنتدى تقوم باستكمال وتطوير وتفعيل جانب من جوانب الاهتمام المشترك لديهم جميعاً أو لدى بعضهم . وصندوق العون القانوني للفلسطينى يمكن أن يكون مثالاً على المشروعات المشتركة التي يمكن للمنتدى تبنيها واطلاقها كمنظمة أهلية مستقلة تهتم بجانب نوعي من جوانب القضية الفلسطينية .

ثانياً : غرض المنتدى :  تسهيل اللقاء الدوري المنتظم بين مناصري القضية الفلسطينية من العرب في زمان ومكان واحد من أجل تعرفهم على بعضهم بعضا والتعرف على نشاط ومجالات اهتمام كل منهم بهدف اكتشاف المجالات المشتركة للتعاون والتنسيق والمشاركة فيها بحسب رغبته وقدرته وإمكانه .

وذلك من أجل تفعيل المناصرة العربية للقضية الفلسطينية وتنمية قدرة عربية أهلية تكون حاضنة للأنتفاضة الفلسطينية ومساندة لصمود الشعب الفلسطيني ومعززة لسعيه المشروع لتخليص حقوقه كاملة غير منقوصة . ويمكن للمنتدى المساعدة في تنسيق جهود المناصرين للقضية الفلسطينية من جمعيات ولجان وهيئات وشخصيات عامة حيث لا يسمح لمنظمات العمل الأهلي بالعمل في مجال من مجالات المناصرة ، من أجل تحقيق الأهداف التاليه :

  1. تعبئة مصادر مالية منتظمة ومتزايدة لتمويل مشروعات حيوية تساهم في تمكين الشعب الفلسطيني داخل الأراضى المحتلة على البقاء في وطنه وأقامت اقتصاد ومجتمع فلسطيني .
  2. نشر وتفعيل فكرة التكافل مع الفلسطينيين من قبل العرب وغيرهم على مستوى تكامل المؤسسات والجمعيات والمهن والمدن والقرى  والأسرى والافراد من أجل تأكيد استقلال المؤسسات الفلسطينية ونفي الحاجة إلى الهجرة من أجل الرزق .
  3. تبني برامج دائمة تختص بالدفاع عن حقوق الإنسان، وحق الشعب الفلسطيني في مقاومة الاحتلال وأقامت مؤسساته الاقتصادية والثقافية البديلة ، وضمان فرص الدفاع القانوني الفعال عن السجناء والمعتقلين ومن تتعرض مساكنهم للهدم وأشجارهم للاقتلاع وأراضيهم للمصادرة .
  4. العمل على تحقيق حق عودة الفلسطينيين إلى ديارهم وتبني برامج لم الشمل وعودة الفلسطينين الذين يتمتعون بجنسيات دول أجنبية تسمح بالحصول على حق الإقامة والعمل في مؤسسات الأراضى المحتلة.
  5. العمل على تكوين لجان المساندة والمناصرة في البلدان العربية وفي المهجر وتنسيق عمل اللجان والهيئات النوعية المساندة للانتفاضة وتوفير التسهيلات والمواد الثقافية والإعلامية المشتركة .
  6. المساهمة في إيصال معاناة الشعب الفلسطيني إلى ضمير العالم من خلال الاتصال النشط والدائم والمنتظم بمنابر الرأي والعمل السياسي والإنسانى في المجتمعات الديمقراطية ومن خلال التعاون مع المنظمات غير الحكومية المعنية بالقضية الفلسطينية ، وذلك من أجل كسب رأي عام عالمي مؤيد للحقوق الفلسطينية ومعارض للاحتلال والأستيطان وصولاً الى خلخلت الرأي العام المؤيد لعدوان إسرائيل " وإضعاف إرادة الاحتلال والاستيطان .
  7. المساهمة في العمل الدبلوماسي لدى الحكومات العربية والاسلامية وحكومات العالم الثالث والمنظمات الدولية والدول ذات التأثير على القرار الدولي . وذلك من خلال الاعتماد على الدبلوماسية الشعبية ووفود الحكماء من أجل نقل وجهت النظر العربية الأهلية الى متخذي القرار والمؤثرين عليه .

ثالثاً : تأسيس المنتدى : يعهد إلى لجنة تحضيرية من لجان المناصرة الرئيسية إضافة الى شخصيات عربية بأعداد نظام أساسى للمنتدى والدعوة إلى اجتماع تأسيسي تدعى اليه عن طريق الإعلان والاتصال المباشر كل لجان المناصر والشخصيات المعنية على أن يتم حضورهم على حسابهم ونفقتهم الخاصة .

وعلى اللجنة أقترح بعض المجالات الهامة للتنسيق والتعاون وإعداد أوراق عمل حولها ، لمناقشتها خلال انعقاد المنتدى .

التمويل : يتم تمويل الاجتماع التأسيسي للمنتدى من خلال تحمل المشاركين فيه نفقات مشاركتهم مباشرة أو عن طريق الجهات التي انتدبتهم وعليهم أن يدفعوا مساهمة اختياريه لتغطية التكاليف المباشرة لعقد اللقاء التأسيسي والتي يجب أن تكون محدودة إلى أقصى قدر ممكن .