مداخل إستراتيجية لتعزيز الديمقراطية في البحرين

بدعوة كريمة من نادي العروبة في البحرين شاركت في ندوة حوار حول " رؤية مستقبلية لتعزيز المساعي الديمقراطية في أقطار مجلس التعاون." وكان لابد لمثل هذا الحوار في ظل ميثاق العمل الوطني وما أتاحه من انفتاح سياسي، أن يتعمق ويتخذ منحى عمليا تطبيقيا تناول المداخل الإستراتيجية لتعزيز المساعي الديمقراطية في البحرين في العقد القادم وحتى 2010، باعتبار العقد القادم هـو مرحلة تأسيس للممارسة الديمقراطية في إطار دستور البحرين لعام 1973 بعد أن تتم عودة العمل به وفق شرعيته.

وكان أول المداخل الإستراتيجية تلك يتمثل في ضرورة إجراء التعديلات الدستورية التي توافق عليها أهل البحرين وفقا لآليات الدستور نفسه ( المادة 104 من الدستور ) بعد عودة العمل به. وقد سبق وأن تناولت ذلك المدخل التأسيسي في مقالة سابقة. واليوم أتطرق في هذه المقالة إلى أربعة مداخل إستراتيجية أخري لتعزيز المساعي الديمقراطية في البحرين خلال العقد القادم وحتى 2010.

أولا: تجسيد الحركة الديمقراطية في تجمع دستوري

شهدت البحرين عبر عقد التسعينيات الأخير ، حركة ديمقراطية عبرت عنها العرائض الداعية إلى عودة العمل بدستور البحرين لعام 1973 وما ارتبط بها من نشاطات داخل البحرين وخارجها. وقد توافق الداعون إلي عودة الديمقراطية عبر تياراتهم الفكرية وانتماءاتهم العقائدية وطوائفهم من سنة وشيعة، علي عودة العمل بدستور البحرين لعام 1973 .  وهي الدعوة التي استجاب لها سمو أمير البحرين وكرسها بميثاق العمل الوطني.

واليوم فإن علي تلك الحركة الديمقراطية أن تؤطر نفسها وأن تعمل علي تفعيل مطالبها من خلال إنشاء تجمع دستوري, غرضه تفعيل الدستور ووضع مبادئه وأحكامه موضع التطبيق، من خلال التوعية السياسية وتنمية رأي عام مستنير يرتكز علي مجتمع مدني فاعل، ومن خلال العمل البرلماني الموحد الذي يتيح لهذا التجمع فرص التشريع والمسألة والرقابة علي أداء السلطة التنفيذية والمال العام . بل إن إنشاء هذا التجمع الدستوري بين أطراف الحركة الديمقراطية هو اليوم ضرورة لدرء الأخطار التي بدأت تظهر علي المستوي الأهلي. ويذكر منصور الجمري ثلاثة أخطار علي المستوي الأهلي أصبحت تهدد وحدة الحركة الديمقراطية في البحرين . أولها : ظهور جماعات واتجاهات كانت غائبة في فترة التسعينيات . ثانيها : تفرق المجتمع علي أساس طائفي أو اواثني أو حزبي . وثالثها:ظهور التعاضديات وأصحاب المصلحة والواسطة بدلا من نمو مجتمع مدني يقوم علي أسس وطنية.

ومن هنا فإن الحركة الديمقراطية عليها أن تتوحد في تجمع دستوري حتى يتم إرساء نظام الحكم الديمقراطي علي الأقل ، وفي تقديري أن الدعوة إلي هذا التجمع الدستوري يمكن ان تبدأ من خلال لجنة تحضيرية تضم الثلاثمائة شخصية الذين وقعوا علي العريضة ألأولي عام 1992، ربما اضافة الي شخصيات العريضة النسائية لعام1995 التي وقعت عليها 323 شخصية نسائية بحرينية . كما يمكن أن يضاف إلي الهيئة التأسيسية لهذا التجمع شخصيات بحرينية اخري إضافة إلي الذين نشطوا في إطار الحركة الدستورية في الداخال والخارج طوال العقد الأخير . أما عضوية هذا التجمع فإنها يجب أن تكون مفتوحة لكل البحرينيين الذين يلتزمون بتفعيل الدستور ووضع مبادئه موضع التنفيذ. ويمكن أن يشكل الموقعون علي العريضة الشعبية البالغين خمسة وعشرين ألفا ، نواة العضوية علي أن ينضم اليهم كل حائز لشرط العضوية علي قاعدة المواطنة دون تمييز.

وغني عن القول أن نجاح هذا التجمع الدستوري في تحقيق أغراضه واداء المهام المرحلية الملقاة علي عاتقه يتطلب أن يكون ديمقراطي الإدارة ، وتكون العلاقات ديمقراطية أيضا بين أطرافه وبينهم وفيما بين الدولة والمجتمع ، الأمر الذي يسمح بنموه واستقرار وببروز تيارات داخليه- ربما أعضاء في جماعات وجمعيات قائمة- باعتبار ذلك التجمع صوره مصغرة للمجتمع السياسي الديمقراطي الذي تربط أطرافه-أفرادا وجماعات- قواسم مشتركة دون أن تلغي التنافس المشروع للمصالح وتنوع الاتجاهات واختلاف الآراء الذي لا يفسد للتوافق قضية . فهو تجمع أقرب الي الحركة أو الجبهة والتحالف السياسي في النظم الديمقراطية في مواجهة أحزاب وتكتلات أخري لا تشارك أطرافه قواسمهم المشتركة ولا تعمل مثلهم مرحليا لتحقيق نفس الاهداف .

لقد علمتنا التجارب والإحباطات ، أن الانتقال إلى الشرعية وفق دستور ديمقراطي شرط لازم لعملية التحول الديمقراطي، ولكنه شرط غير كاف لاستقرار الديمقراطية وبدء عملية التحول الديمقراطي الشاقة والمستمرة والتي تتطلب استمرار وجود ارادة سياسية ونمو رأي عام مستنير ومجتمع مدني فاعل باتجاه تحويل الديمقراطية من مجرد توافق سياسي إجرائي الي قيمة إجتماعية ومعيار أخلاقي تخضع ممارستها لعملية الضبط الاجتماعي كما هي اليوم في المجتمعات الديمقراطية.

وقد فشل مجرد الانتقال إلى الحياة الدستورية في كثير من التجارب بصورة عامة ، وفي التجارب العربية علي وجه الخصوص ، نتيجة التمزق الذي يصيب الحركة الديمقراطية بمجرد الانتقال . و نتيجة اعتقاد كل حزب أو حركة أو تيار أو شخصية أن الديمقراطية قد تحققت وآن اوان قطاف ثمارها. فيتحول حلفاء الأمس إلى أعداء منغمسين في التنافس غير الشريف علي المواقع والمناصب و المكاسب قبل أن يحين آوانها ، فتذهب ريحهم ويضعف الطلب الديمقراطي الفعال الذي وضعوه كحركة علي السلطة عندما كانوا متحالفين في حركة ديمقراطية ذات مطالب دستورية محددة.             

والحق أن هناك فرقا شاسعا بين مجرد الانتقال الديمقراطي وبين إرساء الممارسة الديمقراطية علي الأرض . كما أن هناك نضالا شاقا مطلوبا علي المستوي الرسمي وفي المنظمات الأهلية وفيما بينها لتكريس الممارسة الديمقراطية . هذا إضافة إلى ممارسة الديمقراطية في مؤسسات الدولة والمجتمع حتى تطبق الديمقراطية علي الأرض ، وتصبح ممارسة حقيقية في الحياة السياسية علي مستوي الدولة والمجتمع بشكل عام.

وفي البحرين حسب تقديري ، هناك  حاجة إلى عقد أو عقدين من الزمن علي الأقل لتفعيل الدستور . فمبادئ الدستور الديمقراطي الخمسة- في البحرين وفي غيرها – المتمثلة في مواطنة متساوية والشعب مصدر السلطات ولا سيادة لفرد ولا لقلة علي الشعب،إلي ما يلي ذلك من مبادئ عدم الجمع بين السلطات ، وكفالة الحريات العامة وضمانات ممارساتها، وسيطرة أحكام القانون، وأخيرا وليس آخرا ، أن مبدأ تداول السلطة وما أدراك ما تداول السلطة....كلها مطلوب وضعها تدريجيا وفي سياق نضال ديمقراطي شاق موضع التطبيق.

ومن هنا فإن الحركة الديمقراطية في البحرين عبر العقد الماضي والحركة الوطنية فيما سبقه من عقود ، مطالبة أن تبدع صيغة تنظيمية مناسبة تسمح لها بالعمل المشترك من أجل تفعيل دستور 1973 بعد عودة العمل به. وعلي القوى و التيارات الأهلية التي تؤمن بالديمقراطية باعتبارها منهجا يحقق مشاركة سياسية فعالة ويسمح بإدارة أوجه التعارض في المصالح واختلاف الاجتهادات والآراء سلميا ، أن تلتقي مرحليا- لمدة عقد من الزمان علي الأقل – حول برنامج عمل يمثل قواسم مشتركة وحدا أدني يتم بمقتضاها تفعيل الدستور  ونمو مصادر المشاركة السياسية الفعالة للمواطنين جميعا و إتاحة وسائلها الفعالة.

ثانيا: تكريس الاندماج الوطني في تنظيمات المجتمع المدني

من الحقائق المعروفة في البحرين ، تنوع سكانها ما بين شيعة وسنة وإلي حد أقل جماعات إثنية ، إضافة إلي وضوح معالم التميز الاجتماعي والاقتصادي بين الشعب والأسرة الحاكمة عبر تاريخ البحرين الحديث. ومثل هذا التنوع لا تكاد تخلو منه دولة من الدول العربية بل دول العالم أجمع. وحتى يبقي هذا التنوع في إطار الإيجابية وإغناء الحياة السياسية في المجتمع والدولة ، فإن الدول الديمقراطية تتخذ من الإجراءات الدستورية والقانونية والسياسية و الاجتماعية والاقتصادية ما يكرس الوحدة الوطنية ويعزز عملية الاندماج الوطني علي قاعدة المواطنة.

وعلى أهل البحرين أن ينتبهوا إلي حقيقة التنوع الذي يوجد في المجتمع ، كما أن عليهم دراسة أسباب الاستقطاب الطائفي – من أجل معالجتها والحد منها – و هو استقطاب يبرز في وقت الأزمات والتوترات  الكبرى وتبدو فيه الدولة منقسمة الي أقلية سنية يتمتع بعض أفرادها بامتيازات سياسية وفرص اقتصادية أكثر مما هو متاح لمعظم الأغلبية الشيعية. الأمر الذي يجعل من الأخيرة في بعض الأحيان تبرز بأنها معارضة و أن معارضتها تعود لأسباب طائفية.

ومن هنا فإن تعزيز عملية الاندماج الوطني عامة تتطلب تنمية مجتمع مدني علي أساس غير مناطقي ولا طائفي . وهذا الهدف الوطني العظيم يتحقق بالوعي ، ويتكرس بتحقيق المساواة علي قاعدة المواطنة - علي المستويين الرسمي و الأهلي - ، الذي يضعف حاجة المواطن إلي التضامنيات من طائفية وقبلية ومناطقية وكل أشكال الإنتماءات التي يكتسبها الإنسان بحكم الوراثة والولادة في طائفة أو قبيلة أو منطقة معينة. ويكون ذلك من خلال تشجيع قيام التنظيمات الطوعية التي يتكون منها المجتمع المدني الحديث مقارنة بالمجتمع الأهلي التقليدي الذي تغلب علي الروابط فيه الاعتبارات الوراثية.

وقد اتخذت بعض الدول التي تعاني من مسألة الاستقطاب الإثنـي أو العرقي أو الديني أو الطائفي- حفاظا علي وحدتها الوطنية- سياسات  وسنت قوانين تحد من قيام تنظيمات المجتمع المدني الحديث علي أساس وراثي وتشجع قيامها علي الاعتبار الطوعي و الرابطة الوطنية ، الذي يجب أن تعكسه عضوية تنظيمات المجتمع المدني ، كما يجب أن تعكسه أهداف تلك التنظيمات التي يشترط أن تكون أغراضها ذات توجه وطني عام في مجال تخصصها السياسي أو النقابي أو المهني أو الفكري أو الثقافي والاجتماعي .

ويمكن للبحرين - علي المستوي الرسمي والأهلي – التثقيف و التوعية بمخاطر تأسيس منظمات المجتمع المدني ذات الاهتمامات العامة والنطاق الواسع ، علي أساس طائفي أو قبلي. كما يمكن للتشريع أن يقوم بدور موجه وضابط ورادع لمنظمات المجتمع المدني في هذا الصدد . وذلك من خلال التشجيع علي ان تبتعد عن صفـة الطائفيـة والقبلية الضيقة من خلال اشتراطات العضوية المتنوعة –من مختلف مناطق البحرين – وتبني الأهداف التي تبتعد عن شبهة الطائفية أو القبلية.

ثالثا: تنمية مصادر ووسائل المشاركة السياسية

يتطلب أمر مشاركة المواطن في اتخاذ القرارات العامة و التأثير علي الخيارات الوطنية، امتلاك مصادر ووسائل المشاركة السياسية الفعالة . وهذا يتطلب في البحرين  وخلال عقد من الزمن العمل من أجل حصول المواطن علي كامل حقوقه الاقتصادية والاجتماعية و الثقافية التي يكفلها دستور البحرين لعام 1973 في الباب الثاني (المقومات الأساسية للمجتمع) . وكذلك حصوله علي حقوقه السياسية المتعلقة بحرية التعبير و التنظيم وامتلاك وسائلهما من تنظيمات المجتمع المدني ومن وسائل إعلام واتصال وثقافة أهلية حرة ونزيهة. وهذه الحريات ووسائلها يكفلها الدستور أيضا في بابه الثالث ( الحقوق والوجبات العامة) .

إن الحق الدستوري للمواطن في المشاركة السياسية شرط لازم ولكنه ليس كافيا لتحقيق ممارسة المواطن للمشاركة السياسية الفعالة التي تؤدي إلي تأثيره علي القرارات العامة الملزمـة له و المساهمة في تحديد الخيارات التي يتوقف عليها حاضره ومستقبله ومصير مجتمعه . أن المواطن لا بد أن يمتلك مصادر المشاركة السياسية من حق العمل والضمان الاجتماعي وحماية الأسرة ورعايتها إلي جانب إلزامية التعليم ومجانيته والرعاية الصحية والمسكن الملائم ، في إطار تكافؤ الفرص بين المواطنين وفي ظل العدالة الاجتماعية وخضوع الملكية والثروة العامة والخاصة لاعتبارات أداء الوظيفة الاجتماعية ، وذلك من خلال توظيفهما لتحقيق التنمية الشاملة المستدامة ذات الوجه الإنساني.

وكذلك تتطلب مشاركة المواطن بشكل فعال في الحياة السياسية وممارسة الديمقراطية علي الأرض ، تصاعد نسبة انخراط المواطنين في حركات سياسية ديمقراطية الإدارة ، إلي جانب جمعيات ثقافية ومهنية ونقابات، إضافة  إلى سائر أشكال تنظيمات المجتمع المدني . كما يتطلب ذلك أيضا تنمية إمكانية حصول المواطنين علي المعلومات البديلة من مصادرها الأصلية حتى يتمكنوا من المشاركة ، عن علم في اتخاذ أو التأثير علي اتخاذ القرارات العامة والخيارات الوطنية الملزمة لهم . إن ذلك التأثير لا يتحقق بدون الحصول علي المعلومات  الصحيحة ، وتوفر مصادر المشاركة السياسية من حقوق اقتصادية واجتماعية و ثقافية للمواطن وقيام مجتمع مدني فاعل ونمو رأي عام مستنير، يستند علي منظومة من مؤسسات الدولة وتنظيمات المجتمع المدني ، وتتاح له  وسائل إعلامية  حرة ونزيهة رسمية وأهلية تحيطه بالمعلومات و تزوده بالآراء والتحليلات .

من هنا تأتي أهمية هدف "تنمية مصادر ووسائل المشاركة السياسية" ، في العقد الأول من عودة العمل بالدستور وتأسيس الديمقراطية في البحرين في ضوء توجهات الأمير ، باعتبار ذلك مدخلا إستراتيجيا لوضع الديمقراطية موضع التطبيق علي أرض الواقع ، وعدم بقائها نصوصا  دستوريه وحقوقا قانونية مع وقف التنفيذ ، كما نشاهد ذلك في اغلب الدول العربية التي تدعي بالديمقراطية وصلا دون إن تؤكد على تنمية مصادر ووسائل المشاركة السياسية ، بل تعمل جهدها لإعاقة الممارسة الديمقراطية ومنع الانفتاح السياسي والانتقال إلي الديمقراطية والحياة الدستورية من أن يؤتيا ثمراتهما وأن يصلا إلي عمليه تحول ديمقراطي مستقرة بفضل اتساع نطاق امتلاك المواطنين لمصادر ووسائل المشاركة السياسية الفعالة ونمو قدرة تلك المصادر والوسائل بما يؤكد دور المواطن في الحياة السياسية ويفعل مشاركته في الشؤون العامة .

رابعا: تنمية الثقافة الديمقراطية ونشرها

إن تنمية الثقافة الديمقراطية ونشرها حتى تصبـح الديمقراطية قيمة ومعيارا أخلاقيا في المجتمع ، ليست فقط مدخلا استراتيجيا لمدة عقد من الزمن ، وإنما هي مهمة قد تحتاج إلي قرن أو اكثر حتى تستقر الديمقراطية في ضمير الفرد وتنعكس على سلوكه وتصبح قيمة ثقافية ومعيارا أخلاقيا تخضع للضبط الاجتماعي مثل أي قيمة يجلها المجتمع ولا يرضى بالعبث بها .

والديمقراطية في المجتمعات العربية ، التي مازالت قطاعات كبيرة من الجماهير فيها تنتظر قدوم " العادل المستبد  "  وحيث تلقى فكرة " إنما العاجز من لا يستبد "  قبولا ويتفشى الاستبداد في الحياة السياسية على المستوى الرسمي والأهلي وفي الأسرة والمدرسة ومكان العمل ، تحتاج إلي تأصيل يؤكد على تصالح الديمقراطية مع ثوابت المجتمع ويؤكد انتماءها إلى قيم العدل والأنصاف والمساواة التي يجلها المجتمع وينشدها الناس . كما تحتاج إلي غرس ونشر ثقافتها من خلال توظيف نظام  التربية والتعليم و أجهزة الثقافة الأعلام والاتصال  ومن خلال منابر الوعظ و الإرشاد . هذا إضافة إلى تكريس ممارستها في الحياة السياسية علي مستوي الدولة وفي تنظيمات  المجتمع المدني وفي البيت والمدرسة.

ومن هنا فإن علي مؤسسات الدولة وتنظيمات المجتمع المدني والأهلي عامة وأصحاب الفكر ورجال التربية والأعلام ونسائهما ، إضافة إلي أهل المكانة الرسمية والدينية والاجتماعية في البحرين وخلال العقد القادم أن يلتفتوا إلي أهمية تنمية الثقافة الديمقراطية والعمل علي نشرها باعتبار ذلك مدخلا إستراتيجيا لاستقرار الممارسة الديمقراطية في البحرين وتأسيسها في الثقافة حتى تبدأ عملية التحول الديمقراطي المستمرة .

وحسب اعتقادي  المتواضع ، هناك مهمتان رئيسيتان في جهود تنمية الثقافة الديمقراطية ونشرها . أولاهما : مقاربة إشكاليات الديمقراطية وعلي الأخص احتمالات  تعارضها مع الإسلام وثانيتهما : توسيع قاعدة أصحاب المصلحة قي الديمقراطية من خلال تضييق الخناق علي الفساد والإفساد ، والتعويض مرحليا وبشكل مؤقت علي أصحاب المصالح التي تقف مصالحهم التي اكتسبوها عائقا  أمام الممارسة الديمقراطية علي ارض الواقع . لعل هذين الإجرائين يوسعان من قاعدة أصحاب المصلحة في الديمقراطية بعد أن يخففا من سوء الفهم وسوء الظن ويحدا من تأثير سوء القصد علي حد قول أحد الأصدقاء ، عندما تسود الشفافية و يصبح من الممكن اتضاح الأمور علي حقيقتها.

هذه مداخل استراتيجية لتعزيز الديمقراطية في البحـرين بعد العودة المنتظرة للعمل بالدستور ، أطرحها للحوار وهي لا تعدو أن تكون تفكيرا بصوت مسموع بين مهتمين ومعنيين بانتقال البحرين الديمقراطي الذي جعل التقاءنا  في نادي العروبة ممكنا، نناقش فيه جهود أبناء المنطقة في تنمية رؤية مستقبليـة لتعزيز المساعي الديمقراطية في دول مجلـس التعـاون ، و نتطرق - برحابة صدر - إلي المداخل الإستراتيجية لتعزيز الديمقراطية في البحرين الحبيبة.