تقديم الكتاب

بسم  الله الرحمن الرحيم

تقديـــــــم

علي خليفه الكواري

"مفهوم المواطنة في الدولة الديمقراطية المعاصرة وحالة المواطنة في الجزائر"، عنوان هذا الكتاب للأستاذ منير مباركية وموضوع هذه الدراسة الرائدة الفائزة بالمركز الأول في مسابقة المدرسة العربية في دراسات الديمقراطية، هي باكورة مشروع معرفي  مشترك بين المدرسة العربية للبحوث والدراسات والجماعة العربية للديمقراطية.

ويأتي هذا المشروع المعرفي الذي نأمل أن لا توقفه العقبات الكثيرة التي واجهت الدورة الأولى،  ليساهم في تطوير ما بدأه مشروع دراسات الديمقراطية في البلدان العربية من جهد ملحوظ في تنمية معرفة عربية بالديمقراطية وضبط  مفاهيمها والمصطلحات، إلى جانب تعزيز جهود العاملين من أجل الانتقال إلى نظم حكم ديمقراطية في الدول العربية من خلال الدراسة والحوار الذي بدأه مشروع دراسات الديمقراطية ألذي يتخذ من أكسفورد مقرا له، منذ عام 1991.

لقد بدأ التفكير  في عام 2010، بعد مرور عشرين سنة على انطلاق مشروع دراسات الديمقراطية، في مرحلة ثانية من جهود تعزيز المساعي الديمقراطية في الدول العربية وذلك من خلال إنشاء الجماعة العربية للديمقراطية، وإطلاق مسابقة المدرسة العربية في دراسات الديمقراطية كجهد مشترك بين الجماعة  ومشروع المدرسة العربية لتحقيق جانبا من غرض المدرسة المتمثل في" تعزيز جهود إنتاج المعرفة، والمشاركة مع الآخرين في تنمية وجهات نظر عربية في مجال العلوم الاجتماعية والإنسانية".

 

وقد تقرر أن يكون موضوع الدورة الاولى من مسابقة المدرسة العربية لدراسات الديمقراطية  هو دراسة مبدأ المواطنه وضبط مفهومه العام والمشترك في الدولة الديمقراطية،  على اعتبار أن إقرار مبدأ المواطنة هو حجر الزاوية في كل نظام حكم ديمقراطي وهو الوجه الاخر للمبدأ الجوهري الاول للنظام الديمقراطي، والمتمثل في نفي سيادة فرد أو قلة على الشعب واعتبار الشعب مصدر السلطات. ولا يمكن أن يتحقق مبدأ الشعب مصدر السلطات إلا إذا أقر وطبق  مبدأ المواطنة الكاملة المتساوية لكافة المنتمين إلى المجتمع اللوطن دون تميز، وأصبحت العلاقة بين جماعات وأفراد المواطنين وبينهم وبين الدولة وكافة مؤسساتها يحكمها عقد مجتمعي متجدد هو الدستور الديمقراطي المتعارف عليه والمتضمن نصا وروحا للحد الأدنى من مقومات النظام الديمقراطي (أنظر:

 http://www.arabsfordemocracy.org/democracy/pages/view/pageId/148.

 

وقد جاء في دعوة المشاركة، التي وجهت إلى الباحثين الشباب،  أن هدف المسابقة هو "الارتقاء بالبحث العلمي وتنمية المعرفة العربية ونشر الثقافة الديمقراطية في مجال الفكر والممارسة الديمقراطية، وذلك من خلال تشجيع الباحثين الواعدين من الشباب الناطقين باللغة العربية، على تناول قضايا الفكر والممارسة الديمقراطية ودراسة حالة الديمقراطية في دولهم العربية"  (أنظر الملحق 1).

 

 

 

وحددت الشروط المرجعية للمسابقة  ثلاثة محاور رئيسة تركز عليها الدراسات المتنافسة:

 

أولها: مفهوم المواطنة في الدولة الديمقراطية المعاصرة. ويبدأ هذا المحور برصد تحليلي تاريخي لمدى الاقتراب من مبدأ المواطنة في النظم السياسية عبر الحضارات ، والتوقف بشكل خاص عند الحضارة اليونانية والرومانية وصولا الى الحضارة الغربية في العصر الحديث. وكذلك التطرق لمدى مقاربة الاسلام والأديان والحضارات الشرقية بشكل عام لمبدأ المواطنة. ثم يقوم الباحث برصد نمو مفهوم المواطنة في العصر الحديث وتحديد المفهوم العام المشترك لمبدأ المواطنة في الدولة الديمقراطية المعاصرة.

ثانيها: دراسة لتطبيق مبدأ المواطنة على أرض الواقع في دولة ديمقراطية وما يرد على تطبيقها من نقد، وذلك في ضوء المفهوم العام المشترك لمبدأ المواطنة في الدولة الديمقراطية المعاصرة.

ثالثها: واقع حال مبدأ المواطنة في دولة عربية مختارة، يفضل (لكن ليس شرطا) أن تكون موطن الباحث. وعلى الباحث أن يتطرق هنا لمدى الاقتراب أو الابتعاد عن مبدأ المواطنة في النصوص الدستورية وقانون الجنسية وغيرها من القوانين المؤثرة، وذلك على اعتبار أن "المواطنة هي مصدر الحقوق ومناط الواجبات العامة ". وبعد دراسة منطوق النصوص ينظر إلى التطبيق الفعلي لها على أرض الواقع في الدولة التي يقوم بدراستها، خاتمًا دراسته بما يراه من فرص وتحديات تواجه قبول مبدأ المواطنة باعتباره مصدر حقوق المواطنين ومناط واجباتهم.

وتشكلت في أواخر عام 2010 لجنة للإشراف على المسابقة التي أعلنت على موقع الجماعة العربية للديمقراطية  www.arabsfordemocracy.org في مطلع عام 2011 مصادفة مع بداية التحركات العربية من أجل الديمقراطية. كما تم توزيع الدعوة للمشاركة على كل من استطعنا الوصول إليه من المعارف والمهتمين.  وتكونت لجنة الإشراف من:

الدكتور عبدا لله الفقيه  منسق المسابقة وأستاذ العلوم السياسية بجامعة صنعاء؛

الدكتور عبد الفتاح ماضي عن الجماعة العربية للديمقراطية وأستاذ العلوم السياسية بجامعة الاسكندرية؛

الدكتور علي خليفه الكواري  عن مشروع المدرسة العربية للبحوث والدراسات؛

وقد وضعت لجنة الإشراف نظام إدارة وتحكيم المسابقة ونشرته على موقع الجماعة (أنظر الملحق 2 ).  وكلف بالتحكيم وكتابة تقرير بما يجب تداركه في الدراسات الفائزة قبل نشرها، من بين عدد  من الأساتذة  المختصين الذين تطوعوا للقيام بالمهمة، كل من: الأستاذة الدكتورة صفاء الشويحات من الجامعة الألمانية الأردنية بالمملكة الأردنية الهاشمية، والأستاذ الدكتور فؤاد الصلاحي  من جامعة صنعاء بالجمهورية اليمنية.

وفاز بالمركز الأول في المسابقة، بحسب نتائج التحكيم، الباحث الشاب منير مباركية عن دراسته "مفهوم المواطنة في الدولة الديمقراطية المعاصرة وحالة المواطنة في الجزائر" والتي يضمها هذا الكتاب. وفازت الباحثة أسماء يوسف بالمركز الثاني عن دراستها حول المواطنة في مصر. وحجبت الجائزة الثالثة بسبب عدم تأهل أي من الدراسات المقدمة لنيل هذه الجائزة.

وجدير بالذكر أن عدد المتقدمين للمشاركة في المسابقة بلغ أكثر من عشرين مشاركة ومشارك من أكثر من عشر دول عربية،  قدم عشرة منهم مشروعات قبلت للمشاركة في التنافس على الجوائز. ولم يتمكن عدد من المشاركين من إكمال دراساتهم بسبب التحركات التي شهدتها عدد من الدول العربية مثل تونس ومصر واليمن وليبيا و سوريا والبحرين والأردن.

وإذا كان لي أن أبدي ملاحظة على مستوى المشروعات والدراسات التي قدمت للمشاركة في المسابقة، فإنني وأعضاء لجنة الاشراف فوجئنا بتدني مستوى البحث العلمي في المنطقة العربية واضطراب مفهومه. كما لاحظنا  تشوه مفهوم المسابقات، حيث ينظر إليها البعض على أنها مجرد منافسة مع اخرين من أجل الفوز، دون التزام بالشروط المرجعية والمناهج العلمية الواجب إتباعها في البحث. وقد فوجئنا بوصول دراسات لا يتوفر فيها الحد الادنى من شروط البحث العلمي ناهيك عن كثرة القص واللصق والتلخيص الأمر الذي وضع على كاهل  لجنة الاشراف مهمة إضافية تمثلت في الأخذ بيد الباحثين ولفت نظرهم لأوجه القصور بهدف الارتقاء بالدراسات إلى مستوى الدراسات العلمية.

وقد كان لهذه الجهود الإضافية كما نأمل مردود على بعض الباحثين سواء من فازت دراساتهم أو من لم تكتمل شروط تقديمها للتحكيم، وتكون المسابقة في حال تحقق ذلك، قد ساهمت في نشر الاهتمام بمبدأ المواطنة في الدولة الديمقراطية ودراسة حالتها في الدول العربية لدى عدد من الباحثين الواعدين، وهذا هدف رئيسي من أهداف المسابقة. 

وفي الختام أتقدم بالشكر للأستاذ منير مباركية لما بذله من جهود متواصلة في التنقيح والمراجعة وفقا لمتطلبات المسابقة وكذلك وفقا لمتطلبات تحكيم الناشر، مركز دراسات الوحدة العربية الذي أخذ على عاتقه مشكورا نشر هذا الدراسة القيمة. والشكر موصول لكل من تقدم للمسابقة بدراسة أو  بمشروع دراسة واهتم بموضوع المواطنة.

ولا يفوتني ان أتقدم بالشكر والتقدير  للزملاء الدكتور عبدالله الفقيه  منسق المسابقة والدكتور عبد الفتاح ماضي  على ما بذلوه من جهد متواصل ومضني لمدة عامين، وللزميلين المحكمين في دراسات المسابقة وهما الدكتورة صفاء الشويحات والدكتور فؤاد الصلاحي على تحكيمهما وما قدماه من ملاحظات قيمة للفائزين.

وأخص الزميل العزيز والصديق الوفي الدكتور عبد الناصر جابي بالشكر والتقدير على كتابته مقدمة الدراسة، و التي ربطت الدراسة بالإطار التاريخي لتكوين الشخصية الجزائرية ودعت مشكورة لمواصلة البحث في هذا الركن الرئيسي من أركان نظام الحكم الديمقراطي.

والله من وراء القصد.

       الدوحه 6-7-2013                                                       علي خليفه الكواري